من هي حكومتك؟ أقول لك: من أنت؟!
* المشهد الأول:
معدل التنمية وصل في مصر إلي أكثر من ٧%، «برافو وبعدين»، إن كانت هناك مجموعة اقتصادية وصلت بنا إلي هذا المعدل فلها الشكر والتقدير علي هذا المجهود، وإن كانت هناك مجموعة تنظيمية أخري أوصلتنا لهذا المعدل من التذمر والغضب،
فيجب أن تحاسب وتلام علي هذا التقصير.. فمن جهة أخري، نعلم أنه يحظر علي المواطن الإضراب والاعتصام في كل المنشآت الحيوية والاستراتيجية، وهذا بنص القانون، لأنه يهدد الأمن القومي ويؤثر علي المواطن المصري،
وهذا شيء منطقي ومعقول، ولكن سؤالي الساذج هنا أن هذا الإضراب كان معلنا عنه، ومعروفا ما يمكن أن ينتج عنه من شغب ودمار، بالإضافة إلي الجرحي والمصابين وخسائر مادية ونفسية.. إذن لماذا انتظرنا حدوثه وتركنا كل التفكير والتدبير لرب العالمين، وكالعادة في النهاية قذفنا به للأمن والعصي واليد التي من حديد؟
فأين كان التخطيط السياسي لباقي هذا الفريق، والذي ظهر لنا متأخرا بعد أن هبت العاصفة، ألم تكن هناك مؤشرات واضحة قبل الأزمة؟ فقد ظهرت حلول سريعة بعد الأزمة، فأين كان المسؤول في هذا المطبخ الحكومي لتداركها بسياسة الاحتواء لهذا الغضب قبل انفجاره، وشهدنا رئيس الحكومة في زيارة متأخرة يسمع ويستوعب ويعطي حوافز ووعودا وكلاما من القلب «معسولا»
وأشاد بدور العمال في تكريس الأمن، لأن مصر دائما مستهدفة، جملة تحمل كثيرا من الواقعية، ولكنها أصبحت من كلاسيكيات السينما السياسية، وكلها جرعات من الحبوب المهدئة وتأتي للأسف دائما متأخرة، فعندما شكلت هذه الحكومة استبشرنا خيرا،
ومع الوقت اتضح أنها لا تختلف عن غيرها، فهي تمارس سياسة رد الفعل ولا تؤمن أبدا بأسلوب استباق الفعل، ولا تعلم أن هناك شيئا يسمي «علم إدارة الأزمات الميدانية والمدنية»، ولكن تفضل أن تتركها لتعالج من الإدارة الأمنية فقط.
والمشكلة الحقيقية هي أن الشعب أصبح اليوم لا يحتمل أن يكون حقل تجارب للأزمات «مفعول به» في الغلاء والفساد حتي وصل بمجموعة من التجار والجزارين تبيع له لحم الحمير النافقة، بالإضافة لمشكلة الرغيف وارتفاع أسعار الأسمنت والحديد،
وهذا بعد عدة مؤتمرات وقرارات وتوجيه دائم برفع معاناة المواطن الغلبان ليتضح له في النهاية أنه مجرد كلام، فما تعانيه مصر ليس فقط لأسباب عالمية من غلاء في السلع التموينية، ولكن هناك بالقطع سوء تخطيط يتطلب منها سرعة تعديل في السياسات الغذائية، خاصة أن هذا الغلاء سيستمر عالميا لسنوات،
فمع هذه الحكومة زاد معدل البطالة وارتفع معدل التضخم وتفشي الفقر عند الطبقة المتوسطة التي هي الأساس، في الميزان لكل دولة.
ولم يخفف علي المواطن ارتفاع معدل الاستثمار ولا زيادة الحوافز فقد أنهك المواطن من الانتظار.. فحتي حكومة رجال الأعمال لم تحل مشاكل الكثير من الشباب والعمال، علي العموم هناك حكومات ترفع مستوي الشعوب وغيرها يزيد الهم علي القلوب.
* المشهد الثاني
(إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم)، هذه نصيحة أخيرة لحكومة حماس وقادتها ومؤيديها سواء في فلسطين أو في خارجها، الجميع أصبحوا يعلمون أن قرار حماس يصدر من سوريا وأموالها من إيران، وشعب غزة المسكين يعاني من حصار خانق ووضع اقتصادي منهك، وأمامه إسرائيل تحمل ترسانة عسكرية جبارة،
وهنا لا أدعو إلي الاستسلام ولا لمواقف العناد التي لا تجدي نفعا، ولكن أيضا من الخطورة أن ينتقل هذا الحال للانفجار في اتجاه مصر، وقد اعتادت حماس افتعال الأزمات كلما وجدت نفسها محاصرة بفتح الصاد، فتلجأ إلي مثل هذه الأفعال،
فمن قبل كان الانقلاب علي السلطة ومن ثم اقتحام معبر رفح، حيث كان أمل قادة غزة هو تصدير المشكلة بينما هدف إسرائيل هو الهروب من المشكلة والإيحاء بوجود سياسة مبطنة وخبيثة تتبعها إيران وسوريا، وتكمن وراء هذه المشكلة، وذلك لأن اقتحام حدود مصر هو لاستعراض قدراتهم الإقليمية واكتساب أوراق إضافية لورقة الملف النووي، فهناك العراق وحماس ولبنان وكلها لابتزاز الولايات المتحدة الأمريكية.
وبذلك تصل إلي انفجار داخلي في الوطن العربي، وهنا تظهر في النهاية إيران المنقذة للأوضاع في المنطقة، ومن ورائها سوريا مديرة الشؤون السياسية لإيران التي تتقن اللغة العربية، لتصبح هي البوابة الأساسية بعد رئاسة القمة العربية،
واقتراب المحكمة الدولية منها لكن أقول هنا: عذرا لحكومة حماس البائدة فأهدافك اجعليها وطنية وسياسية واستراتيجية بعيدا عن الأراضي المصرية، فنصيحتي أولا أن تسعي قيادة حماس بالدبلوماسية، إلي كسر الحصار وتعمل علي وحدة الشعب الفلسطيني مرة أخري.
فأخيرا اكتشفت أنه في ظل التبجح السياسي والانفلات الاقتصادي أصبح من السهل علي أن أسألك: من حكومتك؟ لأقول لك: من أنت؟!
موضوع: أحداث فى أسبوع 